عيدُ ميلادٍ سعيد .

سبعةُ أيامٍ .

بدت رائحة الهواءِ الدخانيه اكثر حيويةً بعد المطر .
كيونغسو بدا اكثر عفويةً وانتعاشاً بقميصه المُزرر الأزرق وبنطاله الأبيض ، لا زال يرتدي نفس الاحذية الرياضية البيضاء التي رأته بها اول مرة صانعةً موجاتٍ خفيفة في بركِ الماء المتجمع على الأرضِ بينما يسير .
” هل لديكِ مكانٌ مُفضل ؟!” التفت لها وسألها .
غرست يدها في جيوبِ  تنورتها البطيخيةِ المزررة ورفعت كتفاها وهي تقول ” كلا لا شئ معين !”
” ماذا عن المقهى الذي اعمل به اذاً ؟! انهم يقدمون اطباقاً رئيسيةً ايضاً ! شطائر ، باستا هذا النوعُ من الاطعمة .”
” حسناً .” رفعت كتفيها مجدداً .
عَبر كلاهما الطريق الضيق نحو المقهى لتظهر واجهة اللوحة الاعلانية الخشبيه له بشعارٍ دائري لمثلجاتٍ بلونٍ اصفر .
والنوافذ الزجاجية التي اظهرت التصميم البسيط للطاولات البنية بزوجان من الكراسي المرتبه بعناية امامها مقابل جدارنٍ مغسولةٍ بلونٍ ابيض .
وعلى بعد بضع امتارٍ ، جهة المحاسبة حيثُ تعرض الحلويات والمعجنات
أنه .. مكانٌ مريحٌ وبسيطٌ جداً .
كانت قد اشترت المثلجات مرةً من هنا ولكنها لم تفكر من قبل بأن تجلس في هذا المقهى منذُ أن كان هنا قبل سنه !
لأن هذا المكان يبدو مكاناً يأتيه الناسُ مع مرافقة احدهم ولكنها كانت وحدها .. لطالما كانت وحيدة .
ولكن الآن كيونغسو هنا معها يمسكُ لها الباب بعد ان فتحه لها لتصفعها رائحة المثلجات وبسكويت الوافل .
لا زال الوقت مبكراً لكلا العشاء او التحلية لذا لا يوجدُ أيُ احدٍ هنا عدا هذا الفتى النحيف مع وجههِ الصغير عند جهةِ المحاسبة .
ابتسم وحياها بأدبٍ اولاً ثم فعل المثل لكيونغسو .
” ظننتُ بأنك لن تأتي ابداً .” قهقه كلاهما كما لو ان هناك دعابةٌ سرية خلف هذه الجملة لتحدق بكيونغسو ولكنه لم يلتفت لها وفقط تقدم نحو اقرب طاولة ليسحب لها كرسياً .

“شكراً ” تمتمت وجلست بهدوء لتتصل يدها بقائمة الأطعمه على الطاولة .
سحب الكرسي المقابل لها وجلس عليه .
” الباستا هنا رائعةٌ بعض الشئ ، انتِ تحبين الباستا اليس كذلك ؟!”
” كيف عرفت هذا ؟!” توسعت عينيها بتفاجؤ .
” تبدين من النوع الذي يحبها .” ابتسم مُظهراً اسناناً بيضاء مرتبه .
” انا ابدو انني احبُ العديد من الاشياء بالنسبةِ لك ولكن الاناسُ الاخرون لا يلاحظون هذا !” ضحكت والتفتت لقائمة الطعام مجدداً ليضحك هو الآخر .
” سأخذُ الباستا إذاً .” اعلنت بعد تقليب صفحتا قائمة الطعام لبضع ثواني وثلاثةُ ارباعها كانت للتحلية .
” حسناً ، وانا ايضاً سأخذُ المثل ” اشارَ الى الفتى النحيف قائلاً “بيكهيون آه اثنان من الباستا من اعداد الطاهي إذا سمحت “
رفعت حاجباها ” اعدادُ الطاهي ؟!”
اكتفى كيونغسو بالإبتسام فقط .
وبعد ثلاث دقائق وصل الطعام !
” هذا .. سريع !” حدقت بزميله وهو يضعُ صينيتا الباستا بينما تتصاعدُ الأبخرةُ منها امام كُلٍ منهما .
” استمتعا .” ابتسم ثم غمز لكيونغسو قبل ان يذهب بعيداً .
” بسرعه ، جربيها ” حثها كيونغسو .
ملأت فمها بالباستا وفقط احتاج الامر منها ثلاث ثواني لتبدأ بالتلوي بسعاده .
” واه ” قالت بتلذذ .
” ك – كيف هو مذاقها ؟” سأل كيونغسو بوجهٍ نصف قلق ونصف متشوق .
” إنها .. إن كنتُ فقط اعلم بأنني قريبةٌ من الجنة هكذا وفقط سيحتاجُ الأمر مني ان اقطع الطريق فقط،لكنتُ اتيتُ كل يوم!” اقتضمت قضمةً اخرى متذوقةً ذاك المذاق الذيذ .
” أذاً .. سأخذُ هذا الجواب بمعنى جيد ” قال براحة .
“ما الذي تعنيه ؟ هذا الطباخُ الذي طهى هذه يجبُ ان تكون له علاوه او شيءٌ كهذا ويكونُ اسمه على ورق ، ميتشيلن او مهما يكن ” غمغمت بينما تحشو الباستا بفمها .
” حسناً .. لقد اعطوني راتباً مقدماً ! ..

كنت قلقاً من ان اعادة تسخينها سوف يضيعُ النكهة ..”
” انت … انتظر ، ماذا ؟ انت طهوت هذه ؟” بدى صوتها قريباً للصراخ .
ضحك عليها مُجيباً ” واه اهدئي ، ن – نعم انا اعددتها كنت آملُ بأنكِ لا تشتهين شيئاً اخر و ..”
“متى ؟!” قاطعته بسرعه .
“اوه ، عندما كنتي نائمةً قبل قليل ، ك – كان لدي بعض الوقت فأعددتها وعندما انتهيت اتيتُ للمنزل لأيقظكِ !”
” يا اللهي .. انت .. انت اعددت هذه … الاطباق الرائعه .. ويجبُ عليكَ ان تتحمل .. الرامين الباهت الذي اُعده ! يا رجل ؟”
غطت جبهتها مع مرفيقها الذان ضربا في الطاولة مصدران صوت ارتطامٍ خفيف .
” انه .. اعني كلا ، الرامين الذي تعدينه يملكُ مذاقاً مُذهلاً .. اعني انه فقط كيمتشي ورامين ولكنه افضلُ ما تناولتُ حقاً ..” لمعن عيناه النقيه عندما رفعت نظرها له مجدداً .
حقاً هذا الفتى ..
” لماذا ؟!”
” ل – لماذا ماذا ؟!”سأل بدونِ فهمٍ لمقصدها .
” لماذا .. تفعلُ هذا ؟!” اشارت بيدها بوهن .
” انها .. هديتي لكِ ! هديةُ العيد ميلاد !!”
” عيدُ ميلا -” توقفت قليلاً … انه عيدُ ميلادها اليوم وهي .. نسته كُلياً !
” وايضاً يفترضُ ان توجد كيكةٌ ايضاً ، لم اخبزها انا ولكنها كيكةُ مثلجات من المقهى هنا والذي يفترضُ ان تكون … مُفاجأة !”

” كيف علمت عن .. عيد ميلادي ؟!”
بالطبع هو يعرف وكيف لا يعرف ؟!
” همم ، طائرٌ صغيرٌ اخبرني !” ابتسم الملاكُ الحارسُ لها .
” وايضاً تذكرين رسائل البريد على الطاولة ؟! احدهم كان يحتوي على كوبون تخفيضٍ لعيد ميلادكِ .. كان مكتوباً عليها !”
” كيونغسو …” كان صوتها خافتاً
” ن – نعم ؟!”
” شكراً ” كان مُندهشاً من رؤيتها تبتسم ولكن .. كانت هناك دموعٌ في عيونها ايضاً !
” إ – إنه ليس .. امراً كبيراً !” توتر لأنه لم يتوقع ردة فعلٍ كهذه !

” ل-لا تبكي .”
ميلت رأسها للخلف مُجبرةً دموعها على الرجوع لعينيها .
” انا فقط .. انت لا يجبُ عليك ان تفعل هذا .. “رسمت ابتسامةً مُجبرةً على شفتيها واكملت ” لقد .. م-مرت فترةٌ طويلة .. منذُ اخرِ مرةٍ احتفلَ بها احدهم بعيدِ ميلادي .. معي ! وانت حتى … لا تعرفُني !”
اخذ نفساً عميقاً ومال للأمام مُقترباً منها بعيونٍ اشتعلت بالجدية .
” انا لا اعرفكِ بما فيه الكفاية ولكنني اعرفُ بأن كل شخصٍ يستحقُ عيد ميلادٍ سعيد !”
صمتت وهي تحدقُ به ليكمل بهدوء ” عيدُ ميلادٍ سعيدٍ ماري ..” قال مبتسماً ابتسامته الشبيهة بالقلب تلك ..

Like this story? Give it an Upvote!
Thank you!

Comments

You must be logged in to comment
manoorah #1
Chapter 1: فايتنغ اوني ، الترجمة جميلة واختيارك للقصة حلو. شكرا على الترجمة