~ النهاية

سبعةُ أيامٍ .

 

كانت مخطئة ! كيونغسو لم يسمعها فقط بل شعرَ بكلِ شيء !

هناك في ذلك المكان الذي اتى منه تجمعت  عليه كل مشاعره وشعر بكل التحطمِ وكل الحزنِ الذي شعرت به ومن ضمنها .. حزنه وحطامه هو بنفسه !

دفنَ وجهه بضيقٍ بين كلتا يداه اللاتي ارتاحتا على ركبتيه عندما ظهر بيكهيون ذلك الملاكُ اليائسِ الآخر ليرى اجنحته التي لا زالت مُمتدةً بريشها الأبيض الجميل المُنير ترتاحُ على جانبيه بهدوء .

” كيونغسو ..”  لم يُجبه ذلك الملاكُ المُنادى وظلَ صامتاً .

” أنت تعلمُ بأنك تضيعُ طاقتك بجعلك لجناحيك ممتدانِ هكذا ! ” حاول معه مجدداً .

لطالما كان كيونغسو ملاكاً عاقلاً وعملياً ولكن رده على ما قاله بيكهيون لم يكن سوى تمتمته بقوله ” ربما إن استنفذتُ كل طاقتي لن يبقى لدي اي طاقةٍ لأشتاق لها ! “

تنهد بيكهيون وقال ” للتو فقط استلمتُ روح والدتها !”

تلك الجملةُ كانت كافيةً لجعله يبعدُ يديه عن وجهه  كامشاً من اجنحته قليلاً .

” لقد رحبنا بها في هذا المكان ..” ابتسم بيكهيون بارتباكٍ بعض الشيء .

” هذا .. جيد !” اعطاه تعبيراً سلبياً قبل أن يشيحُ بنظره الى تلك الجدرانِ الزجاجية ليراها تستلقي على الأرض بعد أن نامت من شدةِ البكاء !

” يبدو بأنني جعلتُ الأمور اسوء ! “

همهم بيكهيون من انفه بهدوء

                                                                                 ” لا يوجدُ شيءٌ نستطيع فعله الآن .”

” ألا يمكنني ؟” حدق كيونغسو في هذا الملاكِ بجانبه .

” لقد فعلت كل شيءٍ تستطيعُ فعله كيونغسو ، الآن يجبُ عليك فقط أن .. تنتظر ! ” اخفض بيكهيون عينيه مُكملاً بهدوء ” ربما الأمرُ مؤلمٌ لقوله ولكن … لا يوجد
شيء سيساعدُ في هذا الوضع !”

” لماذا تستمرُ بالتحدثِ كما لو أنك تعلم كيف يكون هذا الشعورُ بينما أنت لا تعلم ! ” اصبح كيونغسو ثائراً في هذه اللحظة !

خرسَ بيكهيون للحظة وهمس ” لأنني اعلم !”

” ماذا ؟”

” اعلمُ هذا الشعورُ جيداً لأنني .. مررتُ به من قبل  !”

جلسَ بيكهيون بجانبِ كيونغسو مما جعله يكمشُ اجنحته كُلياً كي يترك له مسافةً يجلسُ فيها .

” أتعلم .. تشانيول كان البشري الأول لي ! “

اكتفى كيونغسو فقط بالتحديقِ به .

” لم يكن دائماً سعيداً عندما كان على الأرض ! انه انسانُ بنصفين يبتسمُ كثيراً ليخفي حزنه تحت تلك الابتسامات ، كنتُ اعلمُ بأنه سيفعلها إن خسر في مسابقة عزف الغيتار !

 الانتحار هو تذكرةً مباشره نحو جهنم ولكنه لم يكن يؤمن بالجنةِ على أي حال ! كان فقط يؤمن بالإله .. ولكن … إلهٌ آخر !

وهذا الإله كان بين نفسه وبين تلك الفكرة التي كانت تناشده !

كان يعلم العشر الوصايا التي لا يجبُ عليه أن يرتكبها ولكنه نسي بأن تلك الوصايا تتضمنه ايضاً !

كان لدي سبعة ايام فقط … صادقته وتدربتُ معه لتلك المسابقة .. غنيتُ وهو عزف على الغيتار و ..”

حدق كيونغسو ببيكهيون بنظرة انتصار علت عينيه ليكمل بيكهيون قائلاً ” وفزنا !”

ابتسم له كيونغسو ابتسامةً باهته .

” نعم فزنا .. اخبرته بأن يستمر بالفوز لأجلي وفعل ! “

” وماذا .. حدث بعد هذا ؟”

” توفي في حادث سيارة بعد سنتان ! ولكنه كان يؤمن بالجنةِ حينها ويؤمن بالإله الصحيح !”  ابتسم بيكهيون ليعيد له كيونغسو الابتسامة ايضاً .

” لا أعلمُ إن كان الأمرُ سيكون نفسه معها ايضاً ..” حدق في الجدارِ الزجاجية ليراها قد نهضت وكانت متجهةً نحو الباب لتخرج ..

” سوف .. تخرج ! “

                                                                                      ___________________

استيقظت شاعرةً بالألم في داخلها وخارجها ايضاً .

لم تعلم لما فتحت الباب وخرجت ولكنها تعلمُ فقط بأنها ارادت للرياحِ ان تتخلل اصابعها الآن .

ارادات شيئاً لتتفسه .. شيئاً ما .. أي شيء !

أرادت أن تصعد للأعلى إلى السطح ولكن احدهم ضغط على الزر نحو الطابقِ الأول في المصعد ولم تمانع أن تُقاد الى الردهة في الخارج .

خرجت من الشقةِ واصبحت تمشي بذهولٍ وصمت على الرصيف ، الجو كان هادئاً واغلب المتاجر مغلقة .. لا يوجدُ سوى اضواء الشوارعِ بلونها الذهبي وبعض الأضواءِ الخافتة الصادرة من السيارات الذاهبة والراجعة في الشارع .

مدت يديها للأعلى لتأخذها نسماتُ الليل وتحيط بها لتبردها وتخدرها قليلاً .

مرت سيارةٌ من جانبها وبشكلٍ خطرٍ كانت قريبةً منها .

فقط خطوة .. بينها وبين طريقِ عبورِ السياراتِ تلك .. فقط خطوة !

لم تنزل يديها .. فقد كانت مخدرة وكذلك كل جسدها وقلبها وروحها !

                                                                                 __________________

” ما الوقتُ الآن في الأرض ؟!” ابتلع كيونغسو ريقه .

” حوالي الثانية عشر في منتصفِ الليل ، لماذا ؟”

” لقد فهمتُ الآن .. يجبُ علي أن أعود ! ” اردف بعزمٍ ليقول بيكهيون جافلاً ” م – ماذا ؟! “

” إنها بحاجتي ! ” اراد أن يذهب ولكن بيكهيون امسك بيده .

” لا ! أنت لا تفهمُ شيئاً كيونغسو ! لا يجبُ عليك أن تتعدى السبعة ايام هذه !”

حدق كيونغسو به وقال ” أمام الحبِ لا يوجد أي قانون أليس كذلك ؟ “

” الصبرُ نعمة ، كيونغسو ! “

” وكذلك الحُب !!”

” كيف تعرفُ بان هذا حباً وليس مجرد اعجابٍ بلا فائدة ؟! أنت لا تملك امراً لتعود ولا تعلمُ ما الذي سيحدثً إن سقطت الآن ! أليس فعلُ هذا أسوء من أن تنتظر ؟! “

” كلا ، بيكهيون ..” هدأ صوته اخيراً ليكمل ” لقد فهمتُ الأمر للتو .. عندما اخبرني بأنني اذا تعديتُ السبعة ايام فسيصبحُ الأمرُ اصعب لم أكن اعلم ما يعنيه ولكنني الآن اعلم ! الأمرُ صعبٌ لأنه بدونِ الحب …. لكنت لم استطع فعل كل هذا ! “

رمشت عيناه بينما تفترق شفتيه لتظهر ابتسامته تلك .. ابتسامة كشكلِ القلب ..

” اليس هذا ما يكونُ عليه الحُب ؟ أن تقع لشخصٍ لم يظن احدٌ آخر بأنه يستحقُ حبك عداك انت ؟ “

لم يمنعه بيكهيون هذه المرة عندما قام كيونغسو بفردِ اجنحته البيضاء الضخمة الساحرة مع ذلك البريق السحري الذي تناثر حولها لأنه هذه المرة لم يكن كيونغسو ذلك الذي اعتاد على مناداته بالبغل ! بل كان .. ملاكاً حقيقياً .

شعر كيونغسو بذلك الشعور الذي شعر به مسبقاً كما لو أنه يحترق ولكن هذه المرة كان اشد لدرجة أنه شعر بأنه سيفقدُ يديه !

كان يجبُ عليه أن يستمع الى بيكهيون عندما قال له بألا يضيع طاقته في فردِ جناحيه ، حاول بقدر ما يستطيع أن يخفف من سرعته ولكنه لم يستطع بالرغمِ من كُلِ محاولاته ولكنه لم يتوقف .. لأنه لا يريدُ أن يتوقف !

حط جسده اخيراً على تلك الأرض الباردة لتنزلق اجنحته على الاسفلتِ الخشن .

للحظاتٍ معدودة كان قد فقد التركيز على ما امامه !

الشعورُ الوحيدُ الذي تبقى لديه .. كان كآبة روحها !

ناداها ونطق باسمها ولكنها ….. لم تستطع رؤيته !

                                                                      تجمدت في مكانها بينما تنزلُ يديها ببطيء إلى الأسفل .

هي متأكدةٌ بأنها سمعت صوتاً وليس أي صوت بل

.

.

 صوت كيونغسو !

 جالت بنظرها حولها ولكن لا يوجدُ أحد !

” كيونغسو ..” همست بأسمة كما لو أنها تدعو بأن يكون هو .

لم تحصل على إجابةٌ لأنه لم يكن هناك أي أحدٍ اصلاً

” كيونغسـ – “

صوت تحطمِ زجاجٍ قوي ايقظها بفزع .

كان قادماً من الجهةِ المقابلة للشارع ! أنه .. متجرُ الحيوانات الأليفة !

الأضواءُ كانت مشعلةً وهناك صوت نباح كلب !

أنه ذلك الكلبُ الأبيض الذي رأته مع كيونغسو ذلك اليوم !!

عبرت الشارع بدونِ وعيٍ لترى مالك المتجرِ يلوح بيديه بخوفٍ ويأس أمام رجلٍ آخر يحملُ سكيناً !

” فقط .. خُذ ما تريد حسناً ؟ سأدعم تذهب ! خذ ما تريد واذهب ! ارجوك !!” سمعته يترجاه عندما وقفت أمام النافذة للمتجر .

بدا ذلك الرجلُ الدخيل ثملاً او تحت تأثير مخدرات أو ربما كلاهما فقد كان يخرجُ كلماته المتقطعة بصعوبة .

” اعطن – اعطني كل ما لديك ! اعطني .. اعطن – “

في اللحظةِ التي تلت تلك اللحظة اصبح مالك المتجر فجأةً فوق ذلك الرجل !

كان هناك صراخٌ بينما كلاهما كانا يتقاتلا على من سيهيمن على تلك السكين من بينهما وفاز المالكُ للمتجرِ بأخذها ولكن فجأةً رمى الدخيلُ ذاك بنفسه كله على ذاك وبطريقةٍ ما … اصبحت هناك دماء !

مالكُ المتجرِ اصبح مطعوناً مرمياً على الأرضِ بينما ذلك الجرو الأبيضُ ينبح بتذمرٍ بجانبه بينما الدخيلُ كان يترنحُ مجدداً بتلك السكينة التي امتلأت بالدماء في يده .

” توقف عن النباحِ أيها الجرو الغبي ! “

بدا وكأنه هائجٌ كُلياً ولم يكتفي لذا اخذ يلحقُ بعد ذلك الجرو الذي اخذ يتأرجحُ في المكان فاركاً زجاج الأبواب الزجاجية المغلقة بهلع .

رأت الغضب يشتعل في عينا ذلك المجرمِ بينما يمسكُ بالجرو من بين يديه بابتسامته التي كانت من أذنه إلى الأذنِ الأخرى !

” كلا .. الجرو ! “

” يول ..” نادى المالكُ الطريحُ بصعوبة !

بدونِ أن تفكر للحظةٍ أخرى ركضت ووقفت أمام الباب ثم فتحته بقوة ليفرالجرو ويركض خارجاً ، لم يمرَ وقتٌ كثيرٌ لتحدق في ذلك الدخيل حتى رأته فزعاً ثم فجأةً …

رأت دماً أكثر .. عندها فجأةً شعرت ب .. ألم لاسع !

تراجعت للخلفِ واضعةً يدها على بطنها حيثُ يُصدرُ ذلك الألم ويخرجُ دمٌ أحمر !

إنها .. تنزف !

رمى ذلك الرجلُ بالسكين وهرب راكضاً تاركاً إياها خلفه تتألم !

حدقت بالأسفلِ لترى خدشاً قطع قميصها ودماً على كل بنطالها وقميصها الأبيض !

هل طعنها للتو ؟!

تدريجياً أخذت ركبتاها تضعفُ مستندةً على تلك البوابة الزجاجية بيديها اللاتي احاطتا ببطنها على أمل أن يكفُ الدم عن الخروج ويخرج ذلك البرد الذي تشعرُ به بداخلها ولكن الأمر … لم ينفع !

عندها فقط … رأته !

جميلٌ يتوهجُ أمام عينيها بأجنحةٍ بيضاء كالثلجِ غفي ظهره وعيناه اللاتي لا زالتا بريئتان وملائكيتان كما كانت في أول مرةٍ رأته فيها ..

تماماً .. كالطفل !

عندما تحدث سمعت نفس صوته الناعم الذي يشبه الشوكولاتة كما تتذكره إلى الآن ..

” هل تصدقينني ؟ ” سألها بيده الممدودة لها .

منحته اوسع ابتسامةٍ استطاعت رسمها على شفتيها وهمست ..

” نعم ! “

أمسكت بيده ليفهم كيونغسو في هذه اللحظةِ تماماً معنى الحب !

الحبُ شعورٌ جميلٌ لاهث ومع ذلك … موجعٌ للقلوب !

___________________

” في النهايةِ لم تكن أنت ذلك الملاك الذي سلمها للجنة ! ” قهقه بيكهيون مازحاً .

” أظنُ بأنها شاكرةً لأن من حصل له ذلك هو والدتها ! ” قال كيونغسو بوجهه المنير وأكمل ” حسناً .. لأكون عادلاً .. أنا كنتُ من قادها إلى بواباتِ الدخول ومن حملها إلى هنا ! “

” ومع جناحكِ المكسور ها ؟ كم من المُخجلِ أن تشانيول ساعدك على حملها حتى !! “

” هل ذكر احدهم اسمي ؟!” اقتحم تشانيول الغرفة قافزاً للداخلِ فجأةً .

” أنت لست كلباً بعد الآن يول ! يمكنك أن تقلل من القفز ! ” تذمر بيكهيون .

” حسناً .. أنا سعيد لذا أنا اقفز ! عندما تكونُ سعيداً أنت تقومُ بالغناء ! وعندما يكون كيونغسو سعيداً … ” توقف قليلاً وحدق بكيونغسو سائلاً ” ما الذي تفعله كيونغسو عندما تكونُ سعيداً ؟! “

لم يجبه بل اكتفى بابتسامةٍ مع بقائه صامتاً ..

__________________

                                                              ” إذاً .. لن تستطيع التحليق بعد الآن ؟ ” قالت بينما تشيرُ إلى ظهره
” ليس إذا كنتُ اريدُ ان اسقط ! لا .. ” ابتسم كيونغسو بلطف .

” هل هذا يعني بأنك لن تكون ملاكاً حارساً بعد الآن ؟ أ – أنا .. آسفة ! ”

” سوف ابقى فقط كيونغسو .. الملاكُ البسيط ! “ابتسم بملامحه الهادئة تلك بينا يحيطُ بيديه حول كتفيها وهي في حضنه ليكمل هامساً ” وملاككِ الحارسُ فقط ! “

 في تلك اللحظة علمت بأن بأنها حقاً الآن … في الجنة !

تمت ~

  كانت رواية بسيطة ولطيفة وبأخر البارتات صارت حزينة بس النهاية سو هااابي *^*

إذا حازت الرواية على إعجابكم فإذاً لا تنسوا السكسرايب ، ابفوت ! 

 

Like this story? Give it an Upvote!
Thank you!

Comments

You must be logged in to comment
manoorah #1
Chapter 1: فايتنغ اوني ، الترجمة جميلة واختيارك للقصة حلو. شكرا على الترجمة