بعد ساعة انتهى التوضيب كاملاً و ذهب جيهوب إلى غرفة بيكهيون ليتشاركها مع سوهو و بقي بيكهيون عندي ..

جيهوب محظوظ .. سوهو شخص لطيف و محترم اما هذا البيكهيون فرغم ان الأمور بيننا بدأت تهدأ إلا ان كلا منا ما زال "الوقح" في نظر الآخر ...

في الليل كان بيكهيون يشاهد التلفاز و كنت أنا في المطبخ اعد لنفسي طعام العشاء ( غرفة الجلوس و المطبخ متصلان معاً )

شيء من هذا القبيل ..

نظرت إلى بيكهيون الذي لم ينطق معي بحرف واحد منذ أتى ..

سألته : هل تريد أن تتعشى معي ؟

بيكهيون : لست جائعاً ..

قلت له : بلى انت جائع ، ماذا تريد ان تأكل ؟

رفع نبرته : قلت لك لست جائعاً !

سألته : ما رأيك ببعض الرامين ؟! انا اصنع افضل رامين في كوريا !

بيكهيون : يبدو انك تسمع من مؤخرتك أليس كذلك ؟!

انفجرت ضاحكاً " بواهاهاهاهاهاههاهاههاها !!! "

بيكهيون : مضحك .. بالفعل مضحك ... "

توقفت عن الضحك " حسناً إذن ، سنتعشى الليلة رامين !! "

استسلم بيكهيون للوضع الراهن و تركني اعد له الرامين ، بعد ان انتهيت حملت صحني و صحنه و توجهت إلى الأريكة حيث كان يجلس بيكهيون ، اعطيته صحني فأخذه من يدي بهدوء دون ان يقول شكراً ، جلست على اريكة اخرى رغم ان ار يكة بيكهيون تتسع لثلاثة أشخاص.

قررت ان اتجاذب أطراف الحديث مع بيكهيون ، فأنا لا أعرف عنه اي شيء.

" إذن .. هل لديك اخوة ؟ "

بيكهيون : لا .. لماذا ؟

" لا ادري ، اريد فقط ان اعرف المزيد عنك "

بيكهيون : " لماذا ؟"

"لنصبح اصدقاء"

بيكهيون : لماذا ؟ "

" لأنني لا احب ان يكون هناك من يكرهني .. "

بيكهيون : " انا لا أكرهك ... "

" حقاً ؟ "

بيكهيون :"لماذا قد اكرهك ؟"

رفعت كتفي : لا أدري .. انت لا تعاملني جيداً على الإطلاق لذا بدأت أخال انك تكرهني! "

بيكهيون : انا لا أعاملك جيداً ؟! اثبت لي ذلك !

اشرت إلى طبق الرامين الذي يأكله :" أنت لم تقل شكراً !! "

نقل بيكهيون بصره بيني و بين صحن الرامين .. ابتلع اللقمة التي كانت في فمه ثم تمتم " شكراً ... "

ابتسمت و اومأت برأسي ثم استمريت بالأكل ..

مرت لحظة صمت قصيرة .. سألني بيكهيون " هل تملك انت اخوة ؟"

اجبته : " لا .. "

بيكهيون : لاحظت فيك شيئاً .. "

التفتُّ إليه و سألته " و ما هو ذلك ؟"

بيكهيون : انت ألطف من اللازم!

سألته " و كيف ذلك ؟"

بيكهيون :" حين قال الاستاذ ليتوك انني سأشاركك الغرفة توقعت ان تغضب و تقلب الدنيا صراخا لأنك تظن انني "أكرهك" كما قلت ، و لكنك كنت هادئاً و اعترضت بهدوء ، حين تشاجرت مع سارانغ في ايام بداية الدوام الدراسي انقذتها مني و انت لا تعرف عنها أي شيء ، و رغم اننا كنا نكره بعضنا تماماً تركتني اسمعك عزفي على البيانو و اعترفت أيضاً بأنني اجيد العزف و لم تتوقف قط عن الإبتسام لي!"

كلماته أعادت إلي صدى أحداث مؤلمة حدثت لي في الماضي فتحول تعبير وجهي إلى تعبير غريب و يبدو أن بيكهيون لاحظ ذلك ..

" مالأمر ؟ ألا يعجبك كونك لطيفاً زيادة !؟"

انا : هاه ؟! كلا ! على العكس تماماً ، انا سعيد لأنك تعتقد بأنني شخص لطيف! انا فقط ... تذكرت السبب الذي جعلني ألطف من اللازم.."

قال بيكهيون و هو يلف شوكته في الرامين " و ما هو ذلك ؟"

اجبته " حين كنت صغيراً .. كنت هزيلاً و ضعيف الشخصية .. كان زملائي في الصف يسخرون مني كثيراً و يؤذونني .. لا اريد ان يشعر أحد بالأذية التي كنت أشعر بها ، لهذا لا احب ان يكرهني أحد ، حتى لا أتعرض للأذى و لكي لا أؤذي أي احد .. "

اومأ بيكهيون رأسه إيجابا ببطء " هكذا إذن .. "

مرت لحظة صمت طويلة غرقت فيها في ذكريات طفولتي ، أتذكر مشهد الأولاد المزعجين ، كانوا أطول مني ، كانوا يأتون إلي و يضربونني و يأخذون مني شطيرتي و نقودي .. كنت ضعيفاً جداً ، و لكنني الآن كبرت و اصبحت طويلاً و بنيتي قوية نوعاً ما و لهذا انضممت إلى فريق كرة السلة ، اصبح معظم الطلبة في صفنا الآن اقصر مني! حتى جيهوب!

قطع بيكهيون أفكاري " لم أركَ تذهب إلى درس الموسيقى اليوم؟"

أجبته و انا ارفع شوكتي لأرى شرائط الرامين الذهبية تتدلى منها "سارانغ ستتوقف عن إعطائي دروس البيانو مؤقتاً .. "

بيكيهون : هل انفصلتما ؟!"

رفعت صوتي : لسنا نتواعد أصلاً !!

اخذ بيكهيون يضحك بهدوء ..

تابعت قائلاً : قالت بأن عليها الدراسة لتحسين علاماتها و لن تتفرغ لتعطيني دروس البيانو .. "

ابتسم بيكهيون : هذه ليست مشكلة ...

سألته : و كيف ذلك ؟

نظر بيكهيون في عينيّ لأول مرة مبتسماً و قال : انا سآخذ مكانها !

ابتسمت له : حقاً !!

بيكهيون : حسناً ... مهمتنا هي ان .. نتصالح صحيح ؟

اومأت برأسي إيجابا : هذا عظيم ! شكراً لك !

ابتسم بيكهيون : لا داعي لذلك !