لغز القصيدة
قصر الخريفضربت الحروف الثلاث قلبي كالصاعقة و تطايرت أمامي الذكريات مع ذلك الرجل العجوز ، ضحكاته و ابتسامته و قصصه المضحكة و الممتعة .. ثم وقعت عيناي مجدداً على "في" و هو يلتقط أنفاسه و بجانبه تايهي تغطي فمها بكفها و مزيج من الصدمة و الحزن في عينيها ..
بعد ساعة توقف "في" عن البكاء و لكنه كان لا يزال مصدوماً يجلس على الأريكة بلا تعبير على وجهه و يبدو شارد الذهن ...
كنا أنا و تايهي نجلس على اريكتين اخريين في غرفة الجلوس و يعم المكان صمت عميق ...
قطعت تايهي الصمت و تساءلت :"ماذا حدث .. لقد كان يتحسن .. كان في صحة جيدة حين رأيناه آخر مرة ...
اومأ "في" براسه نفياً و تمتم : لا أعرف ... دخل إلى غرفته و لم أجده .. سألت الممرضين عنه و اجابوني انه قد مات .. لم اصدق ... رفض عقلي تصديق الأمر بتاتاً و اصريت على رؤيته ...
رأيت دمعه صغيره تنزلق على وجهه و هو يتابع :" ثم ادخلوني لأراه ... و كان بالفعل شاحباً و بارداً و قلبه لا ينبض ...
انزلقت دمعه على وجهي انا ايضاً .. لقد كان ذلك الرجل العجوز في غاية اللطف و الحنان و البشاشة ... يالها من خسارة ..
عندما عادت السيدة كيم في المساء أخبرناها بكل ما حصل و بدت حزينة جداً هي الاخرى ، جلست بجوار "في" و احتضنته و واسته ، هذه أول مرة اشعر فيها بالحزن منذ ان وطأت قدماي أرض كوريا ..
جلسنا انا و تايهي في غرفتي و اقترحت تايهي ان نتصل ببقية أعضاء بانقتان لنخبرهم و لكي ننتهي بسرعة قررنا ان تتصل هي بثلاثة منهم و اتصل انا بالثلاثة الباقين ، كتبت تايهي رقم منزل كل من جونغ كوك و شوقا و جيمين على ورقة و ناولتني اياها و اعطتني الهاتف اللاسلكي بينما تتصل هي من هاتفها النقال .
ضربت الرقم الأول .. رقم شوقا ، وضعت الهاتف على اذني و استمعت إليه و هو يرن ثم اجاب صوت شوقا :" مرحبا؟ "
انا : مرحباً شوقا .. انا ميرا .
شوقا : أوه مرحباً ميرا ، انت آخر شخص في الدنيا توقعت ان يتصل بي! مالأخبار؟
انا : ليست سارة في الواقع ...
بدا القلق واضحاً في صوته و هو يتساءل : ماذا يجري؟
انا : ذهب "في" لزيارة السيد العجوز اليوم و اكتشف انه .. مات ..
شوقا : ميرا هذه مزحة سيئة ..
انا : أوبا .. انا لست امزح ..
رفع صوته قليلاً : هذا غير معقول !
انا : ما كنت لأتصل بك لو لم يكن هذا ما حدث ، في النهاية يجب ان تعلمو!
بدا الحزن واضحاً في صوته و هو يقول : يا إلهي ... ياله من مسكين ... ياله من مسكين ...
انا : أوبا .. انا آسفة لأنني اوصلت لك هذه الأخبار .. ما باليد حيلة ..
شوقا : لا مشكلة ميرا ... يا إلهي .. كم هذا مؤسف ..
بعد ان اغلقت الخط مع شوقا تكلمت مع جونغ كوك و جيمين كذلك ، كانت ردود أفعالهم مشابهة نوعاً ما لشوقا و لكن جونغ كوك اخذ يبكي على الخط!
كان من المؤسف ان اخبر جيمين فتى احلامي خبراً تعيساً كهذا ... كم هذا مؤسف ..
في صباح اليوم التالي الساعة التاسعة و النصف تذكر "في" انه قد نسي حقيبته الخاصة بالتدريبات في المستشفى أمس فقرر ان يذهب لجلبها و لكن والدته رفضت لكي لا يزداد حزنه ان ذهب إلى غرفة الجلوس فقررت ان تذهب هي لجلبها بدلاً عنه .
من حسن الحظ انه يوم عطلة ، كنا انا و "في" و تايهي نتناول الإفطار بصمت تام ..
أخذت افكر بقصر الخريف الذي حدثنا عنه ... لقد كان يعشقه جداً ، من المحزن ان قد مات قبل ان يجد من يستحق قصره ..
بعد تناول الإفطار قررت ان احاول تخفيف حزن "في" قليلاً ، جلسنا نحن الثلاثة في غرفة الجلوس و طلبتُ من تايهي ان تعلمني اغنية الدببة الثلاثة و هي اغنية كورية للاطفال !!
سألتني تايهي : و لماذا تريدين تعلمها ؟!
اجبتها : انا اتعلم اللغة الكورية و اغاني الاطفال سهلة جداً و لهذا السبب نتعلمها في حصة اللغة الكورية للأجانب و انا عاجزة عن حفظها !!
تايهي : تعرفين لحنها صحيح ؟!
اجبتها : أجل! فقط اريد تعلم الكلمات !
تايهي : حسناً ، رددي معي ! : غوم سي ماري غا هان جيب إيه إسّو !
( و تعني : هناك ثلاثة دببة في المنزل )
كررت وراءها كلمات الأغنية بطريقة مضحكة للغاية :
غوم سي ماري غا هان جيب إيه إسّو !
أبّا غوم ! أومّا غوم ! إيغي غوم!
( نكمل الاغنية مترجمة خخخ :
هناك ثلاثة دببة في المنزل !""
الأب الدب ! الأم الدب ! الإبن الدم !
الأب الدب سمين جداً جداً !
الام الدب نحيفة جداً جداً !
الإبن الدب لطيف للغاية !"
https://www.youtube.com/watch?v=slWkYjjgyT4 رابط الاغنية :
لمحت "في" بطرف عيني يبتسم !
التفتّ نحوه : أوبا ! هل تحفظها ؟!
اجابني : آه .. أجل!
انا : غنها معي ارجوك !
و لمفاجئتي بدأ يغنيها هو أيضاً و اخذنا نحن الثلاثة نغني سوية كالمجانين !
يبدو انني نجحت في تلطيف الأجواء قليلاً !
سمعنا طرقاً على الباب !
نهضت تايهي و فتحت الباب و قالت : اوه !! مرحباً شباب !
لقد اتى جميع أعضاء بانقتان لزيارتنا !
جلسنا جميعاً نحن التسعة و اخذنا نتحدث عن الرجل العجوز و يواسي بعضنا البعض ، فجأة دخلت والدة "في" : لقد عدت !
ثم لاحظت وجود الشبان :" أوه !! مرحباً يا أولاد ! لم يخبرني تيهيونغ انكم قادمون!
راب مونستر : نحن لم نخبره أيضاً !
السيدة كيم : سوف اعد لكم بعض الشاي ، تايهي تعالي ساعديني .
اعدت تايهي و السيدة كيم الشاي و جلسنا جميعاً نتحدث سوية.
اعطت السيدة كيم "في" حقيبته و قالت : ها هي حقيبتك ، أوه! شيء آخر! قالت الممرضة انه ذلك العجوز عندما شعر بدنو أجله قام بكتابه هذه الورقة و طلب ان يتم إيصالها إليك!
ثم اعطته ورقة مطوية ، التفينا جميعاً حول "في" و هو يفتح الورقة و اختلطت اصواتنا جميعاً و نحن نتسائل : ما هذه !؟ ماذا كتب فيها !؟ اقراها !!
قرأها "في" بعينيه و بدا عليه التعجب الشديد كلما استمر في القراءة اكثر !
ما ان انتهى قال :" ما هذا !؟ لا أفهم شيئاً !! انه شعر !! "
راب مونستر : شعر !؟
جيمين : مهلاً اعطني إياه !
اخذه جيمين من يده و أخذ يقرأ بصوت مرتفع لكي نسمعه جميعاً :
" إلى كيم تيهيونغ :
كتبت لك أبياتاً حتى لا يعرف الشبل ما قال لك الأسد
قصر الخريف مختفٍ و بابه موصد
جده بين العلم و العدالة حيث تسمع أصوات السماء
في قلب النجمة حين تشع انوار المساء ! "
التفت جيمين إلى الجميع و تساءل : هل فهم أحد أي شيء ؟!
اومأنا جميعاً نفياً : "لا ... لا ....
اخذ جيهوب الورقة و اخذ يقلبها بين يديه و يتفحصها كأنه يبحث عن حل لها و تساءل : ما هذا الهراء؟!
في تلك الليلة عندما جاء والد "في" لتناول العشاء حاول هو و "في" ان يفهما ما كتب في الورقة و لكن لم يفهما أي شيء إطلاقاً !
الساعة العاشرة و النصف ذهب كل من في المنزل للنوم و لم يبق سوى "في" ، بقيت انا اتقلب على فراشي احاول النوم بلا فائدة ، كم أكره الأرق !
نهضت من فراشي بتثاقل و خرجت إلى غرفة الجلوس .
غرفة الجلوس متصلة مع المطبخ ، في منتصف المطبخ توجد طاولة مستطيلة هي تلك التي نتناول عليها الطعام دائماً و يتدلى فوقها مصباح المطبخ ، كان المكان معتماً تماماً عن ذلك المصباح و كان يجلس "في" تحته على الطاولة يتأمل تلك الورقة ..
سألته :"ألم تنم بعد؟"
رفع عينيه عن الورقة و قال : يفترض ان اسألكِ الشيء ذاته!
قلت له : انا عاجزة عن النوم ..
اجاب : انا ايضاً .. تعالي ساعديني في فهم لغز هذه الورقة ..
اتيت و جلست على كرسي قبالته تماماً حول طاولة المطبخ حيث وضع "في" الورقة أمامي لكي أراها و قال : ان كان بوسعه ان يكتب فلماذا لم يكتب بوضوح و حسب؟
امسكت الورقة و قرأت ما فيها مجدداً ...
" إلى كيم تيهيونغ :
كتبت لك أبياتاً حتى لا يعرف الشبل ما قال لك الأسد
قصر الخريف مختفٍ و بابه موصد
جده بين العلم و العدالة حيث تسمع أصوات السماء
في قلب النجمة حين تشع انوار المساء ! "
هممممم
لماذا ذكر قصر الخريف ووجه الرسالة إلى "في" و .... مهلاً !! مهلاً لحظة !!
كلمة "جده" ... هل يعقل ان الجد يريد من "في" ان .. يجد قصر الخريف !؟
اتسعت عيناي و قلت بصوت واضح : أوبا !!
حملق "في" بوجهي و تساءل بفضول : ماذا ؟! هل وجدتِ شيئاً ؟!
انا : انظر انظر ، لقد ذكر قصر الخريف و وجه لك الرسائله طالباً منك ان تجده !
"في" بصوت مرتفع : أن أجده !؟ يريدني ان اجد قصر الخريف !؟ لماذا ؟!!
انا : ربما فكر في أنك قد تكون انت من يستحق قصر الخريف في النهاية !
اختطف "في" الورقة من يدي و حملق بها و قال : هذا لا يعقل لم اعرفه جيداً سوى بضعة أسابيع !!
انا : ربما كانت تلك الأسابيع كافية لجعلك ... الشخص الذي يستحق قصر الخريف!
"في" : أهذا معقول !؟
انا : لم قد يطلب منك إيجاد قصر الخريف أنت بالذات !؟ ألم يقل ان حتى ابنه لم يكن يعرف مكان القصر !
انزل "في" عينيه إلى الورقة و قرأها بصوت مسموع ثم التفت إلي و قال : إذاً فهذا لغز يتطلب حله حتى نجد مكان قصر الخريف ؟!
اجبته : أجل ... آمل ان لا يكون بعيداً جداً عن هنا!
Comments