02

~ رواية : مَعْزُوفَةُ الشَّيَآطِينْ

tumblr_n325phf5b51rqb1lyo2_500

 

 

الفصلُ الثاني – الملل . شبحٌ حزين .

 

 

كان هيمتشان جالساً على أحد الكراسي في الحديقه العامّه ~
بعض الأطفال يلعبون هنا و هناك , و الفتى ذو الشَعر الأسود يضع مذكّرته بين يديه .
يبعثر بعضَ الأحرفِ عليهآ بينما هي بالفعلِ ممتلِئه بالتواريخ و الكلماتِ !

 

19-11-2013

- عندما ترفض و تجرح و يضرب بك عرض الحآئط , عندمآ لا ينظُر أحدٌ إلى وجهك بينما أنتَ ضحّيت من أجل تلك الكلمآت التي كانت سببًا في خسارتك لكبريائك . 
أن تكون أنتَ المخطئ لأنك أفصحتَ عن دواخلك !
ماذا بعدَ الرَّفض ؟! ليس و كأنني إقترفت ذنباً و إثمًا لا يحمد عقباه !!
ليس و كأنني حطّمت العالم و بعثرت الفساد هنآ و هناك !
و لا زلت أنظُرُ إليها , لأنه و ببساطه ؟ مفعولُ الحبّ -

عاشَ هيمتشان تجرُبةً مريرَة تحت ما يسمّى بالحبّ !
عانى لسنوات من أجل الإعتراف , أكسبَ نفسه شجاعةً لم تكن قدّ خطّت نفسها في تارخ حياتِه من قبل .
حَاربَ نفسَه و ألقى بخوفه جانباً لتدهسه الشّجاعه .
كتّب رساله أفرغ فيها جميع محتويآت قلبه , كانت كاللوحه الفنّيه العتيقه ..
إختار كلمآته بعِنايه , لأن شجاعته توقّفت على الكتآبه ؛ لا على النُّطقِ بحرفٍ واحد .
لكنّ تلك المشاعر التي لم تتوقّف عن النمو .. تبخّرت و إختفت .
غادرَت أدرآج الرّياح و إندثرت .
لأنها قامت بالدّوسِ عليهآ , و لأنّها آلمته بكلماتهآ الجارحه , لكنّ الفتى لازال صامداً على أمَلِ أن تنظُرَ إليه يوماً مآ .
فكّر للمرّةِ المئه منذ تولّد تلك المشاعِر نحوها ! أهذا ما يسمّى بمرضِ الحبّ ؟!
أغلق تلك المذكّره بهدوء , و نظر إلى أولئِكَ الأطفالِ العدّه الذين يهيمون هنآ و هناك .
تلك السّعاده ستنحطُّ يوماً في عالمِ المجهول , و تلك الإبتسامه ستسحق بواسطةِ أعداءِ الحرّيه .
وقَفَ ليسير بخطى ضئيله , السّعاده أصبحت على مقرَبةٍ منه لكنها ستبتعد .
و ستترامى في أطرافِ الهاويه ؛ هل ستستيقِظُ هيري ؟!

 

-

 

20-11-2013

أشعَةُ الشّمس إخترقت السّتاره الخفيفه المعلّقه أعلى النافذه الواسِعه .
جعّدت أنفها و ضيّقت عيناها مجدداً بعدمآ كانت قد فتحتها !
تلك الخيوط الذّهبيه ضايقتها و بشدّه .
ألقت نظرّةً على جسَدِهآ , و لأوّل مرّه تلاحظ مدى نعومةِ بشرتها .
بعض الكدمات كانت تغطّي وجههآ , مسّحت عليها بخفّه .
ألم فضيعٌ إختّرق دماغها . ربما بسبب بكائِها المريرِ الليلَةَ الماضِيه ؟
نظّرت إلى الباب و تسائلَت :* هل سيأتِي اليوم ؟! *
تسائَلت هل سيأتي ذلك الفتى ذو الشّعر الأسود .
لِلا سبب ؛ هو كان يواسيها ويخفف قليلاً من الحمل عنهآ !
متى ستعود إلى جسدها ؟! أمر آخر لازال يهيم في عالمِ المجهول ~
الفتى ذو الشّعر الأسود أطلَّ برأسهِ من الباب .
لكنّ هيري لم تلاحظه ! هي فقط لاحظت ظلّ ذلك الشّخص .
خطوه تتبعهَا أخرى ليقف أمام سريرها .
شبح إبتسامه مرّ على شفتي هيري ~
بالقدر الذي كانت سعيده فيه بتواجده , كانت حزينه !
لأنّ ذلك الشّعور بالألم الذي يخلّفه بعض الندم , ليس بالسّهل أبداً .
إبتسم الفتى و سحب كرسيّاً كان قابِعاً في أحد أطرافِ الغرفه .
و قريباً جداً من سرير هيري , أرخى نفسه على مقعَدِ الكرسيّ ~
وضع حقيبته على الأرض جانباً , و رفعت هيري عينيهآ لتقع بالصّدفةِ على بطاقة إسمهِ .

 

كيم هيمتشان .

 

إبتسمت بخفّه , و كانت تلكَ هي المرّةُ الأولى التي عرِفَت فيها إسمه .
أليس إسمهُ مُميّزاً ؟! و بدون أن تشعُر هي قد أحبّته . بمعنىً آخر ؛ راقَ لهآ ~
يبتسم , و كأن شيئا لم يحدثِ البارِحه .
إبتسامته تبعت الرّاحه على النّفس , و بنفسِ القدر تفتح جرحاً يمّى بجرحِ النّدم !!
مرّة أخرى .. الألم صاغ معزوفه موسيقيّه ضئيله , مسببًا للصّداع و بعض الإنقباضاتِ داخلَ قفصِها الصّدري .
فتحَ حقيبته بنيّةَ اللون , و أخرج منها مرطّب جسم .
ببطئ .. إقترب ليضَع القليل على وجهها و فركَه بلطف , كما أنّه مسح بعضاً منه على يدها .
لا حاجةَ لتنظيفها منذ أنّ الممرّضات فعلن ذلك , كما أنّه فتى !! بأيّ حقٍّ يسمح له لمسها و تنظيفها .
لكنّ ترك بشرتها بغيرِ عنايةٍ قد يضرُّ بها !
هيري إستمرّت في التحديق في الفتى الماثِل أمامها .
عيناه صغيره لكنّها مميّزه , طريقته في عضّ شفاهه و التحديق بعنايه في بشرتها و المسح عليها بمثاليّه .
إنها فقط رائعه ~
هو يبدو مهتماً ! إبتسمت هيري مجدداً و أمالت رأسها بلطف لتحصلَ على زاويه أفضَل للنظر إليه .
فتح فمه و بدأ بالحديث إلى ذلك الجسد , و هيري وجدت شيئاً من الحلاوه في حديثه .
بعضٌ من الوحده إنجَلَت , و قصصه كانت مثيره للإهتمام و جدِيده على مسامعها .
منذ أنها لم تكن مهتمّةً بالقِصصِ من قَبل .
بعد وقت طويل , طويلِ جداً .. حلق ذلك الفتى بدأ يجفّ و صوته إهتزّ .
أغلق الكتاب عندما وصل إلى نقطه محددَه و همس بلطف مشفقاً على حلقه :” سنتوقّف هنا اليوم , سآتي غداً ! وداعاً أيتها الجميله “
إبتسم بإتساعِ و وقف ليغادر , تنهّدت هيري . لأنّ هذا ما سيحصل بعد كلّ شيء .
سيغادِر إلى منزلها و يتركها وحيدةً مع جسَدِها .
فكّرت هيري :* هل سأبقى هنا ؟ ألن أخرج ؟! *
حسناً , فكرةُ البقاءِ في المستشفى ممله بحقّ .
منذ أنّ لا أحدَ يراها هي تستطيع التحرّك كيفما تشاء .. 
لكن , لحظه . فكّرت هيري :* ماذا لو قابلت الأشباح ؟! سأكون في مأزِق ! *
تنهّدت بعدما خرج الفتى هي تحرّكت من مكانها لتخرُج , ألقت نظرةً أخيرً على جسدها ثم غادرت .

-

كلٌ منهما إتّجهَ في طريقه , إستقَلَّ هيمتشان الحافلَه بينمَا هيري مشّت عبرَ الأزقّه .
هناك شخصٌ ما تحتاجُ إلى رؤيتهِ !
تريد أن تعرف ماذا حصل أثناء غيبوبتها . ما الذِي كانت تفعَلهُ والدتها أثناء غيبوبتها ؟
حالما لمِحت ذلك المنزلَ الذي أصبَح كئيباً – بعدَ إنفصالِ والديها – جرَت نحوهُ .
إلى الآن , لا أشبآح ! لا مخلوقات غريبه ! و لا أمورٌ مخيفَه ! 
تسلَّقت السّور , منذ أنها لا تستطيع إختراق الأشياء كالأشباح .
لم تكن أوّل مرةٍ لها , لقد سبَقَ و أن تسلَّقت السّور .
و بالأخصّ عندما تتأخرُ خارجَ المنزل ؛ لم يكُن بالأمرِ الصّعب ~
إلى النّافذه الخلفيّه , لعلها تستطيع رؤيةَ أيِّ شيء منها , ما الذي تفعله والدتها ؟
و هل من أشخاصٍ غرباءَ في المنزِل ؟!
أطلّت برأسها من خلفِ النّافِذه , رجل أربعيني يجلس على طَاوِلةِ الطّعام , و والدتها تضع الأطباق الشّهيّه على الطّاوِله .
إبتسامة والدتها تدلّ على مدى سعادتها ! لربما لم تكن تحتاجُ إلى هيري أبداً .
عضّت هيري على شفتها السّفليّه , تكبت دموعهآ .. دموعُ القّهر .
الرّجل -الذي يعتبر زوج والدتها- لم يبدو سعيداً , القلق يتراقَصُ على تقاسِيمِه و عيناهُ ذابِلتانِ .
السّيده إستمرّت في الثّرثره بعدما جلست أمام زوجها الجديد .
و هو كان يحرّك قدميهِ بتوتّر و يتحاشى النَظر إلى عيني السّيده بارك .
فكّرت هيري في أنّ الرّجل يخون والدَتها , والدتها كانت و لازالت تحبّه بصدق و بضمير !
على عكسِ والدِ هيري , و التي رفضَت تسليم هيري له . و كسَبت القضيّه في المحكمه للحصول على إبنتها .
لكنّ والدتها أهملتها , وفضّلت إنهاء زفافها و الذي من المفترضِ أن يقام في يومٍ من الثلاث الأسابيع الماضيه , و بالفعل الزّفافُ تمّ و والدتها سعيده . 
بعيداً عن العائِقِ الوحيد الذي كان يقِف في طريقِها -هيري- !
نزَلَت هيري إلى الأسفل , أسفلَ النّافِذه و ضمّت قدميها . 
إتكأت برأسها على ركبتيها و بضع خصلات من شَعرِها تساقَطت لتغطّيها , و شكلهآ كان يوحي بما يسمّى :

 

شبحٌ حزين ~

 

لكن .. مجدداً , هيري ليست شبحاً .
هي فقط ظاهِرَةٌ مختَلِفه .
صوتٌ رنّ ليوقِظ الفتاة الغاطّه بين أحزانِها و النّوم :” إستيقظي ~

حان وقتُ اللّعِب ..~ “

Like this story? Give it an Upvote!
Thank you!

Comments

You must be logged in to comment
No comments yet